You are currently viewing ما الذي يحاولُ صديقي الفِيل قولهُ لي؟ عن كسلِ التَّغيير، مُستعينًا بشمَّاعةِ كآبةِ العُزلة! 🐘

ما الذي يحاولُ صديقي الفِيل قولهُ لي؟ عن كسلِ التَّغيير، مُستعينًا بشمَّاعةِ كآبةِ العُزلة! 🐘

أتحسَّسُ مُسدَّسَ “مُكافحةِ كسلِ التَّغيير” في كلِّ مرَّةٍ أسترقُ السَّمع فيها، وأجدُ شخصًا يهمسُ في أُذنِ أفكارهِ، بأنَّ العُزلة “المؤقَّتة” هي مرضٌ وليس علاج!

هكذا وبكلِّ بساطة، وبدون مُقدِّمات، تلكَ اللَّيلة، ليلةٌ من ليالي عامِ  ٢٠١٩ م. تلكَ اللَّيلة كانت من أبرزِ لحظاتِ حياتي، اللَّحظةُ التي بدأتُ فيها رحلةَ الوُقوع مُتيَّمًا بالعُزلةِ اليوميَّة المؤقَّتة، التي تنجبُ من رحمها أفكارًا، وتحقيقَ أهدافٍ، ومراجعةٌ للذَّات، وغير ذلك الكثير، ولكن من أين كانت البداية؟

أمَّا عن البداية، فقد كانت عبارة عن فترةِ عزلة لمدَّة سنتين إلى ٣ سنوات (٢٠١٩ م – ٢٠٢١ م) بعيدًا عن أيِّ رابطة اجتماعيَّة وعاطفيَّة، وبعيدًا عن وسائل التَّواصل الاجتماعي التي كانت جميعها تُقيِّدني بقُضبانٍ من فُولاذِ كبحِ جِماحِ التَّغيير، ابتعدتُ في تلكَ المَرحلة عن أيِّ بساطٍ طائرٍ “خُرافيٍّ” يأخذني بعيدًا عن ذاتي، ابتعدتُ فيها عن كلِّ شيء كان لزامًا عليَّ تركه لأبدأ رحلة التَّغيير.

وهنا سؤالٌ يطرحُ نفسه، لما كلُّ هذا؟ لأصلَ لذاتي التي فقدتها مُنذُ أعوامٍ وأعوام (ذاتي التي جرفتها أوديةُ السِّلبيَّة، وترتيبي الخاطئ للأولويَّات، ووُجودي ضمن مُحيط لا يُوصلني حتَّى لعتبةِ باب السَّعي لطموحاتي، والكثير من الأشياء الأخرى.)، لذاتي التي استحقَّتْ أن أنفردَ بها وأتفحَّص ما تُريد، وماهيَة المشاعر التي تشعرُ بها، وكيف أصلُ بها لنقطةِ اتِّزانٍ شعوريٍّ تشعرُ فيها بالسُّرورِ والامتنان في جُلِّ الأوقات، لأصلَ بها لنقطةٍ تشعرُ فيها بالتَّقديرِ المُتَّزنِ الذي يجعلُ شلَّالَ الامتنانِ يفيضُ منها في كلِّ زمانٍ ومكان ومهما كانت الظُّروف!

بادئ ذي بدء، وفي بداية فترةِ العُزلة، كان الفيلُ يجثمُ فوقَ أكتافي، لا يكادُ يبتعدُ عن أكتافي مهما استجمعتُ قِواي لأجعلهُ يترجَّل عن كتفاي، ولكن لم أستطع.

🤔 | هل توقَّفت؟ أم أكملتُ المَسير في رحلةِ التَّغيير؟

تعقَّدتِ المَسألة، سوداويَّةُ الحياة تسيطرُ عليَّ، لا أرى أيَّ طوق نجاة حولي، لأتشبَّثَ بهِ وأنجو، من هذا الحِملِ الذي على كتفاي، والذي أرهقني لأبعد ممَّا يتصوَّرُ أيُّ أحدٍ منكم، ما الحل؟

وهنا كان الدَّرسُ الأوَّل، قد قالهُ لي صديقي الفيل، والذي وعدني بأنِّي إن قمتُ بحلِّ شِفرةَ هذا النَّص، بعدها سيكونُ ترجَّلهُ عن كتفاي مسألةُ وقتٍ ليس إلَّا، وكان يقول: “كفاكَ إيذاءً لذاتك، تُأطِّرُ صورةَ ذاتك بالوَهمِ الزَّائف، وأنتَ منغمسٌ في خيالِ وجودِ حُشودِ الصَّداقات “المُخدِّرة” التي تطوِّقُكَ وتُبعدكَ عن الواقع، وتجعلك تعيشُ في دائرةٍ مُغلقةٍ من الأوهام. هذا الواقعُ الافتراضيُّ الذي بنيتَهُ حولَ نفسِك، يُبقيكَ في غفلةٍ عن جوهرِ الحياةِ الحقيقيةِ وعُمقِ التَّجاربِ الإنسانيَّة. يَجعلكَ تُضيعُ وقتكَ في مُتابعةِ الظِّلالِ بدلًا من الجَوهر، مُتجاهلًا بذلك صوتي الذي بحَّ وأنا أحاولُ بهِ أن أذكِّرَكَ بأنَّ هناكَ أكثرَ من مجرَّدِ اللَّحظةِ الرَّاهنةِ، والتي تُصوِّرها الشَّاشات التي تظهرُ على وجوهِ من تقابلهم. إنَّ الحياةَ بكلِّ تعقيداتِها وجمالِها تنتظرُكَ خارجَ هذا السجنِ، تنتظركَ خلفَ تلكَ القُضبان التي صنعتَها لذاتك باختياراتكِ وقراراتكَ الخاطئة. إنَّ الوقتَ قد حانَ لكي تُعيدَ التَّفكيرَ في اختياراتِكَ وأولويَّاتِك، ليَزداد وعيك وتُصبحَ مُدركًا بما يُحيطُ بكَ، وأكثرَ استعدادًا للعيشِ فيهِ بإيجابيَّة، وسعادة، وامتنان.”

قد قال ما قاله، وظلَّ يقفزُ ويقفزُ كي يزداد ثُقلهُ على كتفاي، ما الذي حدثَ بعد ذلك؟ ظللت أشهرًا أفكِّرُ ما الحل، وكُلَّ يوم يزداد سوءًا عن الآخر، هل توصَّلتُ للحل؟ أم هل استسلمت وعُدتُ لحالي الذي كان قبل قرار العُزلة؟

من خلال ما ذكره صديقي الفيل؛ توصَّلتُ لمعادلة المَرحلة الأولى من رحلة التَّغيير التي قضيتها في عزلتي: 

📝 | مُعادلة المَرحلة الأولى من العُزلة = فهمٌ عَميق لذاتي × (تحفيزي لذاتي + مُحيط مَحدود (أُختير بعناية) + اهتمامي بذاتي وابتعادها عن كل ما يعكِّر صفو أجواءها الشُّعوريَّة) + تأمُّل وتقبُّل تام لذاتي.

بفضل الله أوَّلًا، ومن ثمَّ هذه المُعادلة الدَّقيقة، قد جعلتُ ديناميكيَّة العُزلة تسير بالطَّريق الصَّحيح، ووجَّهتها وسيَّرتها بطريقةٍ مِثاليَّة تجعلُ الفِيلَ رغمًا عن أنفهِ يترجَّلُ عن كتفاي، وهنا كانت نهاية المرحلة الأولى التي امتدَّت لسنةٍ كاملة، وأكملتُ ما تبقَّى من فترةِ العزلة في التَّخطيط لطموحاتي، واكتساب المَهارات التي أعتبرها أساسًا لما ينتظرُ نسختي الجديدة في السَّنوات القادمة بإذن الله.

المَرحلةُ الأولى بكلِّ صِعابها ومطبَّاتها قد مرَّت، وانتهى الجزء الأصعب من الرَّحلة، وهي عمليَّةُ تَصحيح المَسار، ومعرفة الاتِّجاه الذي تتَّجهُ إليه البوصلة!

🤔 | ماذا عن المرحلة التي تلي هذه المرحلة؟ 

هي مرحلةٌ قمت بتجزئتها لعدَّة أقسام (تمتدُّ هذه المَرحلة لـ ٢٠ سنة قادمة)، وهي مرحلةُ تطوير ووُصول لعدَّة أهداف في جوانب كثيرة من الحياة بتوفيقٍ من الله، وسأسردُ لكم تفاصيلها بعد تحقيق ما أصبو إليه بإذن الله في حينه.

وأعدكم بأنَّ خلاصة كلِّ جزء من أجزاء مرحلتي الثَّانية ستُصبحُ بها أهدافكم الضَّخمة طُعمًا سهلًا، يسهلُ الوُصول إليها مهما كانت ظروفكم!

ما بين تلك اللَّحظة، واللَّحظة الرَّاهنة، استطعت أن أبني بداخلي أساسًا يمكنني من خلالهِ أن أقول بأنَّ أكملتُ المطلوب في هذه الفترة بما يتعلَّق بإيجادِ ذاتي ووتطويرها والسُّموِّ بها وسأستمرُّ للأبد، أمَّا الآن فالخُطوات على أرض الواقع بدأت تظهر واحدةً تلو الأخرى – ما شاء الله -، وكلُّ ذلك يقرِّبني بالوُصول لما أُريد وفق خُطواتٍ استراتيجيَّةٍ مَدروسة بإذن الله!

الحُلمُ يُنقشُ تحقيقهُ على جُدرانِ الوُصول، وما زال للقصَّة بقيَّة، وما قلته ليس إلَّا جزء بسيط ممَّا حدث في رحلتي، ولكن ما تبقَّى سأكملُ سردهُ لأبنائي وأحفادي بإذن الله ..

| النِّهاية.