You are currently viewing ما معنى أن تستند كل مرحلة من حياتنا على فلسفة شعورية خاصة بها؟

ما معنى أن تستند كل مرحلة من حياتنا على فلسفة شعورية خاصة بها؟

في دُروبِ الحياة التي تعبقُ بالعَواطف والمَشاعرِ، نجدُ أنفسنَا نمشي في طُرقٍ تملئُ حياتنا بألوانِ المشاعرِ تلك، حيث يظهرُ على رأس هذه المَشاعر تاجًا تتسيَّد بهِ عرشَ قيادةِ أفعالنا وقراراتنا. فهي ليست مجرَّد شيءٍ عابرٍ يمضي دون أثر، بل يشكِّلُ جزءًا أساسيًّا وحيويًّا من وُجودنا على هذه البَسيطة. مع مُرور الزَّمن ومع تقدُّمنا في طُرق ودروبِ الحياة العديدةِ المعقَّدةِ، نشهدُ تغيُّراتٍ لا يمكن تجاهلها في نسيجِ مشاعرِنا، وبطبيعةِ الحالِ أيضًا نشهدُ تطوُّرًا في الطَّريقةِ التي نَختارُ بها التَّعبير عن هذه المَشاعر. وفي ظلِّ قطارِ التَّطوُّر هذا الذي لا تتوقَّفُ عجلاتهِ عن الدَّوران، يصبحُ من الضَّروريِّ اختيارُ فلسفةٍ شعوريَّةٍ تتناغمُ مع كلِّ مرحلةٍ عمريَّةٍ نمرُّ بها.

تلك الدُّروبُ بداخلنا تكونُ مليئةً بأحاسيسٍ تارةً تكتسي بألوانِ الفرح، وتارةً أخرى تكتسي بألوانِ الحُزن، وتارةً أخرى تكتسي بألوانِ الحماسِ وهكذا تدورُ عجلةُ ألوانِ المشاعر. وكلُّ تلكَ المَشاعر تتداخلُ لتكوِّنَ خارطةَ حياتِنا العَاطفيَّة. يتجلَّى جمالُ اختيارِ فلسفةٍ شعوريَّة في قُدرتها على توجيهِنا في تَفسير هذه الأحاسيس، وتنظيمِها، ومن جانبٍ آخر تكوِّنُ لنا قاعدةً نتَّكئ عليها؛ لنبني علاقاتٍ صحيَّة تُضيفُ لنا الكَثير.

تُهدينا الفَلسفةُ الشُّعوريَّة إطارًا لآليَّةِ فهمنا للمَشاعرِ وإدراكِ كيفيَّةِ تأثيرَها على سلوكيَّاتنا. في سنِّ الشَّباب، حينما يكون التَّحدي قائمًا على تَحقيق الاستقلاليَّة والنَّجاح في الحياة المهنيَّة والأكاديميَّة، قد تكونُ الفلسفة التي تستندُ على الإيجابيَّة والتَّفاؤل هي الأنسبُ لك في ذلكَ الوَضع. في مرحلة النُّضج، حين يتحوَّل تركيزُ عدسةِ الحياةِ لديك إلى بناء علاقات قويَّة وتحقيقِ التَّوازن بين الحياة الشَّخصيَّة والمهنيَّة، قد تكون الفَلسفة التي ترتدي رِداءَ المَسؤوليَّة والالتزام هي الخيارُ الأمثَل.

ما يميِّزُ الاختيارَ الذي ستختارهْ؛ هو تفاعلهُ المُستمرَّ مع كلِّ تجربةٍ تعيشها في الحَياة، فكُلُّ حدثٍ يتركُ بصمةً على خليطِ الألوانِ من مشاعرنا، ولذلك فإنَّ اختيار الفَلسفة الشُّعوريَّة يعتمد على مدى التَّناغم مع هذه التَّحوُّلات. ولذلك، على سبيلِ المِثال، بعد أن يعيشَ الشَّخصُ تجربةً حزينةً أو مفجعةً، قد يكونُ التَّركيز على بناء فلسفة شعوريَّة ترتكزُ على التَّعاطف والتَّقبَّل هو الطَّريق المُلائم للشِّفاءِ والتَّعافي.

ريثما نتحدَّث عن علاقةِ الفَلسفةِ الشُّعوريَّةِ بالذَّكاء العَاطفي، نرى بأنَّ تلكَ العَلاقة لا تُعَدُّ إلَّا كتابًا يُكمل بدقَّة فصولُ تطويرِ ذاتكَ، وصقلِ شخصيَّتك، وتَجسيدِ ذلكَ بالتَّفاعلِ مع الآخرين. يساهمُ الاختيار المَبني على الوَعي في هذا السِّياق؛ من تَعزيز فهمِنا لمشاعرِنا ومشاعرِ الآخرين، وتنظيمِها بشكلٍ ينعكسُ بطريقةٍ إيجابيَّةٍ على حياتنا وعلى حياة من هم حولنا. بناءً على ذلك، إذا كانت فلسفتنا الشُّعوريَّة تُركِّز بعدسةِ رؤيتها على الإيجابيَّةِ والتَّفاؤل، فإنَّنا نجدُ أنفسنا أكثر استعدادًا؛ لتَصديق النَّواحي الإيجابيَّة في حياتنا، ومواجهةِ التَّحدِّيات بثقةٍ أكبر.

في ختام رحلتنا القَصيرة هذه، والتي كانت تسلُّط الضَّوء على أهميَّةِ بناءِ فلسفةٍ شُعوريَّة لكلِّ مرحلةٍ من حياتنا، يظلُّ اختيارُ فلسفتنا الشُّعورية تَحفيزًا لنا؛ لاكتساب فهمٍ أعمق لذواتِنا وللعلاقات التي نبنيها مع الآخرين. الحياةُ هي رحلةٌ، تُشعِلُ الفلسفةُ الشُّعوريَّة فيها شرارةَ السَّيطرة على تفاصيل طُموحاتنا، مُعلنةً إمساكها بيدِ أهدافنا لتأخذها لبرِّ الأمان، نحو تحقيق الغايات والوُصولِ للمُراد بإذن الله.