يجب على الجميع تفحُّص قواعد مُكوِّنات أيِّ لعبة تَدورُ حوله، (لكي لا يكون مُجرَّد دمية في ذلك الميدان)، بل يجب عليه أن يكون ذلك الشخص الذي يحوِّل هشاشة قواعد اللُّعبة؛ لقوَّة يستطيع أن يقارعَ بها القاصي والدِّاني ريثما يسعى للوُصول للغاية التي يسعى لها الجَميع. فبمجرد أن يفهم الفرد آليَّة عملها، ويُدرك طبيعة التحديات التي تواجهه، يصبح بإمكانه التلاعب بالقواعد لصالحه واستخدامها كأدوات تسرِّع من تنفيذ الخطط المرسومة، وتحوِّل القواعد من نقاط ضعف إلى مواطن قوة تمنحه السيطرة والقدرة على التأثير في اللعبة، ويضمن له مكانة تنافسية تُمكنه من التقدم نحو تحقيق أهدافه بثقة وإصرار.
تفحُّص الواقع وتحليله بالطَّريقةِ المُثلى؛ لن يتأتَّى إلَّا بامتلاك الفَرد للأدوات التي تجعلهُ يتقدم بمسافات طويلة عن من هم حوله، والأهم من كل ذلك أن يمتلك مهارة حياكة المستقبل بمؤشرات الحاضر والماضي، وينسجُ رؤاهُ حولَ البُعد الذي يراهُ مُناسبًا إبَّانَ الواقع المَعيش. يتأتَّى ذلك بتركيبة دقيقة من الأدوات والمهارات النَّاجمة عن انخراطِ الشَّخص في تجاربَ تُكسبهُ عُصارةَ هذه المَهارات، والعُصارة ليست بقشرةِ السَّطح في تلك المَهارات، وإنَّما بالانقضاضِ على الكنوزِ الثَّمينة التي بداخلها. هنا يظهر ما يسمَّى بالفكر الاستراتيجي ومنهجيَّاته التي تتجلَّى ضرورتها في ميادين الأفراد قبل المؤسَّسات، بعضلاتها “منهجيَّاتها” التي تتحدَّى بها الإدارة التَّقليديَّة النَّمطيَّة للمواقف والأحداث.
لن أطيلَ الحديث في هذه التَّفاصيل، ولكن سأتطرَّق لمفهوم من مفاهيم الفكر الاستراتيجي والمَعني بإدارة المُنظَّمات والمؤسَّسات؛ مفَهوم “الرَّشاقة الاستراتيجية | Strategic Agility”، والذي يسلِّط الضَّوء على رفع قدرة المُنظَّمة، (وهنا باعتبار الفرد هو المنظمَّة)، وإعادة ترتيب أولويَّاتها واستراتيجياتها بطريقة ديناميكيَّة. وأيضًا يركِّز هذا المَفهوم على التَّحقُّق من التَّخطيط القائم، مع تتبُّع خطوات التَّنفيذ، والمُتابعة المُستمرَّة لكلِّ ما يحدث، سواءً كان ذلك بتتبُّع مراحل التَّنفيذ أو بمراقبة البيئة الخارجيَّة واستشعار تأثيراتها وتداعياتها على الفرد “المنظَّمة” واسترتيجيَّاته؛ لنتمكَّن من تكريسِ جُهودنا لتكييف خُططنا مع أيِّ مُستجدَّات تظهر في الميدان.
ومُعادلة هذا المَفهوم تتكوَّن من:
الرَّشاقة الاستراتيجية للأفراد = مراجعة الأهداف الشَّخصيَّة + تحليل كفاءة الموارد الشَّخصيَّة + رسم سيناريوها مستقبليَّة والتَّخطيط لها
وتفصيل كلِّ جزء من هذه المُعادلة يكون كالآتي:
أوَّلًا؛ مراجعة الأهداف الشَّخصية يكون ذلك من خلال “تقييم الواقعية + إعادة هندسة الرؤية والرِّسالة وتكييفها مع أيِّ مُستجدَّات + تحديد النِّطاق والتَّركيز.”
ثانيًا؛ تحليل كفاءة الموارد الشَّخصيَّة يكون ذلك من خلال “تقييم الموارد (وقت، مال، مهارات) + ترتيب الأولويَّات بطريقة منهجيَّة لتعزيز كفاءة الإنتاجية + التَّنمية الذَّاتيَّة.”
ثالثًا؛ رسم سيناريوهات مستقبليَّة والتَّخطيط لها، وذلك يكون من خلال “القدرة على استشراف المُستقبل ورسم السيناريوهات التي من المُمكن حُدوثها + التَّخطيط للتَّكيُّف مع السيناريوهات المُحتملة + استخدام المُوارد بشكل استراتيجي للتكيُّف مع أيِّ مُستجدَّات.”
لذلك، عمليَّة تقييم بيئة الميدان المُناط لنا السَّعي فيه، وما هي مُكوِّنات اللُّعبة المَرسومة على عمليَّة حياكة تفاصيل العراقيل التي ستواجهنا، وعمليَّة تكييف الخُطط وفقًا لما نستشفُّه من الواقع، كلُّها تعدُّ خطوات مُهمَّة لتفعيل نمط الاستجابة الدَّقيق والسَّريع لأي مُستجدَّات في الميدان. ختامًا، اصنعوا من أيِّ بيئة ترتكزُ فيها أعمدةُ سعيكم؛ فُرصًا تجعلكم تتقدَّمونَ في شتَّى جوانب الحياة، فكرًا، ووعيًا، وخبرةً عن من هم بنفسِ اتِّجاهِ بوصلةِ الأهداف.
⏳ | النِّهاية.